الصبر هو واحدة من القيم الإنسانية العظيمة التي تُعتبر مفتاحًا للفرج ووسيلة لتحقيق الخير في الحياة. إنه سلاح قوي يواجه به الإنسان التحديات والصعوبات، ويمنحه القوة للاستمرار رغم كل العقبات. في هذه المقالة، نستعرض قصة ملهمة عن رجل صبور، وكيف أثمرت سنوات صبره الطويلة عن سعادة لم يكن يتوقعها.
الصبر على الأذى: بداية القصة
كان هناك رجل يعيش حياة صعبة مع زوجته التي كانت تعاملُه بقسوة شديدة، تُسيء إليه بأقوالها وأفعالها يوميًا دون سبب يُذكر. ورغم ذلك، لم يكن يرد الإساءة بمثلها، بل ظل صابرًا عليها، يتحمل بصمت دون أن يرفع صوته أو يدخل في جدال معها. استمر هذا الحال لمدة خمس وعشرين سنة، وخلال هذه السنوات، كرس حياته لتربية أبنائه على القيم والأخلاق الحسنة، وزوّج أبناءه الأكبر سنًا، بينما استمر في رعاية الصغار وتلبية احتياجاتهم.
كان الناس من حوله يشهدون على صبره وتحمله، حتى صاروا يضربون به المثل في الإخلاص والوداعة. ومع ذلك، بدأ الرجل يشعر بثقل العبء عليه مع مرور الزمن، وراودته فكرة الطلاق أكثر من مرة. لكنه كان يخشى على أطفاله من التشتت، كما كان يخاف من ردود فعل أهل زوجته.
قرار الرحيل: البحث عن السلام

في ليلة من الليالي، وبعد أن بلغ به اليأس مداه، قرر الرجل الرحيل. فكر في العيش بعيدًا عن الجميع في مكان هادئ يمضي فيه بقية حياته في عبادة الله. خرج من بيته ليلًا، وسار متنقلًا من مكان إلى آخر، يعبر الجبال وينام في العراء. بعد شهر من السير، وصل إلى واحة في قلب الصحراء، حيث وجد بحيرة وبعض الأشجار. قرر أن يستقر هناك بعيدًا عن الناس.
لكن المفاجأة كانت عندما وجد رجلين يعيشان في تلك الواحة منذ سنوات طويلة، يكرسان حياتهما لعبادة الله. عندما سألهما إن كان بإمكانه البقاء معهما لبضعة أيام، رحبا به وقالا: “هذه أرض الله، وليست أرضنا.”
رزق السماء: اختبار الإيمان
لاحظ الرجل أن هذين العابدين لا يملكان طعامًا أو وسائل للعيش. وعندما سأل عن طعامهما، أجاباه بثقة: “نحن ندعو الله كل يوم، فيرزقنا مائدة من السماء.” شعر الرجل بالدهشة من كلامهما وقرر الانتظار ليرى ما سيحدث. رفع الرجلان أيديهما بالدعاء، وبعد قليل نزلت عليهما مائدة صغيرة تحتوي على قطعتين من الخبز وبعض حبات العنب، وهو طعام يكفيهما فقط.
عندما طلب الرجل مشاركتهما الطعام، قالا له: “هذه المائدة تنزل لنا بقدر حاجتنا فقط. إذا كنت معنا، فادعُ الله كما نفعل، فإن كنت صالحًا سيرزقك كما رزقنا.”
رفع الرجل يديه إلى السماء ودعا قائلاً: “يا رب، أدعوك بالدعاء الذي يدعوك به هذان الرجلان، فاستجب لي كما استجبت لهما.” فجأة نزلت عليه مائدة ضخمة مليئة بألوان الطعام المختلفة التي لم يتخيلها! اندهش الرجلان مما رأيا وسألاه عن الدعاء الذي استخدمه. فأجاب: “لم أعرف ماذا أقول، فطلبت من الله أن يستجيب لي بدعائكما.”
تنبيه مهم قبل قراءة القصة
هذه القصة، رغم انتشارها في بعض الدول العربية، تحتوي على مخالفات شرعية كبيرة، ومن ذلك عدم جواز التوسل بصفات العباد، مثل الصبر أو التقوى، في الدعاء.
هل يجوز أن أقول: “أدعوك يا ربي بصبر أيوب عليه السلام”؟
الإجابة: لا يجوز؛ لأن الدعاء يجب أن يكون بما ورد في الكتاب والسنة، أو بما لا يخالفهما. أما التوسل بصفات عباد الله، فلا دليل عليه من الشريعة، بل المشروع هو التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى، أو بالأعمال الصالحة، أو بدعاء الصالحين الأحياء.
لذلك، الأفضل أن تقول:
“اللهم ارزقني الصبر كما صبرت أيوب عليه السلام” أو “اللهم اجعلني من الصابرين”، فهذا هو الدعاء المشروع الذي لا حرج فيه.
نسأل الله أن يهدينا إلى الحق ويثبتنا عليه. والله أعلم.
كشف السر: بركة الصبر
عندها أخبره الرجلان بسرٍ مذهل: “نحن كنا ندعو الله ونقول: ‘اللهم ارزقنا ببركة صبر الرجل الذي تصبر على زوجته رغم أذاها.'”
شعر الرجل بصدمة كبيرة عندما أدرك أنه هو ذلك الرجل الذي يدعوان الله ببركة صبره! أدرك أن سنوات صبره لم تذهب هباءً وأن أجره عند الله كان عظيمًا. شعر بندم عميق لأنه كان على وشك التخلي عن صبره وقرر العودة إلى زوجته لإكمال حياته معها مهما كانت الظروف.
العودة إلى البيت: تحول غير متوقع
عاد الرجل إلى بيته بعد غياب طويل. وعندما رأته زوجته، تفاجأت بعودته وبدت عليها علامات الندم. نظر إليها بمحبة وقال: “يا زوجتي العزيزة، إن ضربتني على خدي الأيمن، فسأعطيك خدي الأيسر أيضًا ولن أتركك مرة أخرى أبدًا.”
لكن المفاجأة كانت أن زوجته بكت بحرقة واعتذرت له قائلة: “زوجي الحبيب، لن أؤذيك بعد اليوم. لقد أدركت خطأي أثناء غيابك.” ومنذ ذلك اليوم تغيرت الزوجة تمامًا وأصبحت تعامله بحب واحترام. بل إنها كانت تدلك قدميه وكتفيه عندما يعود من العمل وأصبحت مثالًا للزوجة الطيبة المطيعة.
العبرة من القصة
وهكذا تنتهي هذه القصة، وهي من الحكايات المتداولة بين بعض الناس، وهي غير حقيقية، ينبغي على الإنسان أن يتقرب إلى الله بما شرعه رسول الله ﷺ في الكتاب والسنة، وأي دعاء أو عبادة لا توافق ما جاء به الشرع فهي من البدع التي لا يجوز الأخذ بها. نسأل الله أن يرزقنا الفهم الصحيح لدينه والثبات على الحق. ولا يجوز نشر هذه القصة بين الناس